
تتسارع الأخبار والأحداث حول مجريات تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية ، وبدأ البعض يربط بين تحقيق المصالحة في هذا التوقيت بالذات وبين ما يتسرب من معلومات حول الخطة الأمريكية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط والأفكار الأمريكية المرتقبة لحل القضية الفلسطينية من خلال دويلة فلسطينية مركزها قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية مع تأجيل شبه كامل للقضايا الأساسية " القدس واللاجئين والحدود وغيرها " مقابل إغراءات اقتصادية كبيرة وتنفيذ مشاريع تساهم في بناء الدولة الفلسطينية المقترحة – ذات الحدود المؤقتة – ومن المعروف أن كل ما هو مؤقت اليوم يصبح دائما في العقلية الحاكمة الإسرائيلية والأمريكية .
وهنا تبرز التساؤلات المشروعة هل المصالحة الفلسطينية جزء من الصفقة الأمريكية الكبرى ؟ وهل سيكون هناك فرض للمصالحة على أرض الواقع من الأطراف الإقليمية المؤثرة وغير المسموح لأي طرف إفشالها سواء بالترغيب أو بالتهديد ؟ وهل هذا ما يفسر الاهتمام الإقليمي والدولي بتفاصيل المصالحة ؟ وهل هذا سر الهدوء التام لغالبية قيادات العمل الوطني والإسلامي تجاه ما يحدث مع أنه يستحق رفع الصوت عاليا ؟؟
الشعب الفلسطيني صفق للمصالحة من منظوره الوطني الخالص وأن المصالحة هي السبيل الوحيد لتحقيق التوافق الوطني المبني على حماية المشروع الوطني من الانزلاق والضياع أو إدخاله في عالم المجهول ، وأن المصالحة هي الطريق الأقصر لمواجهة كل المخططات التي ترمى لإضعاف جبهتنا الداخلية والتي يريدها أعداء قضيتنا لتمرير مخططاتهم الشيطانية ،، التوافق الوطني هو السبيل للتصدي لكل ما يحاك ضد قضيتنا وإفشال سياسة فرض الأمر الواقع المراد فرضه علينا ..
المصالحة التي نريدها ليست هي ذات المصالحة التي يريدها خصوم شعبنا ، لذلك لو دققنا في تصريحاتهم سنجد أنهم بكل وضوح لا يتحدثون عم المصالحة ولكنهم يركزون على " فرض السلطة سيطرتها على قطاع غزة فقط " أو يتحدثون عن " إعادة قطاع غزة الى الشرعية الفلسطينية " ، وهناك فرق واضح بين هذه التصريحات التي تحمل بعدا سياسيا محددا وواضحا لتحقيق دور مطلوب تنفيذه فقط ،، وبين المصالحة التي نريدها لتمتين الصف الفلسطيني وتحقيق الشراكة السياسية بين كافة مكونات الشعب الفلسطيني لبناء الأسس الصحيحة للدولة الفلسطينية التي يحلم بها كل فلسطيني حر بعاصمتها القدس والحفاظ على الثوابت الفلسطينية التي أقرتها المؤتمرات الفلسطينية ..
هم يخططون ويفكرون ويمكرون كما يحلو لهم ، وستكون للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده الكلمة الأخيرة في كل ما يعرض عليه ،، ولازال التاريخ القريب والبعيد شاهدا على ذلك ..