a picture
  • الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • المقالات
  • المؤلفات
  • مقابلات صحفية
  • ألبوم الصور
  • صورة وحدث
  • فيديو
  • ارشيف الأخبار
  • إتصل بنا

التطرف فكر شاذ وليس أصيل

التطرف فكر شاذ وليس أصيل
#المقالات 2019-09-03 06:20:52

التطرف لغة هو الوقوف على طرف الشيء أو آخره ، أي تكون في المكان الأضعف والأكثر حرجا وفيه قد تفقد القدرة على السيطرة على ذاتك فتهوى حتى لو لم تكن ترغب بذلك .

التطرف ليس له عنوان محدد ولا يقتصر على دين محدد أو أيدلوجية معينة بل هو فكر موجود ويمكن صناعته وتوجيهه واستخدامه في كل شيء ولأي هدف كان ، وليس له عنوان يمكن الوصول إليه لمخاطبته أو مواجهته قبل الاصطدام به ،، التطرف كذلك ليس وليد الصدفة ولا يأتي بدون أسباب ومسببات بل له عوامل ومحددات مشجعة لوجوده بل وتعطيه المبرر والحجة بحيث يكون حامل هذا الفكر مقتنع تماما بأن ما يفكر به وما يدفعه إليه هو قمة التضحية وهو المتقدم للصفوف لمواجهة تلك الأسباب التي يراها .

التطرف ليس فكرا أصيلا بل هو فكر خطير ناتج عن فعل أخطر منه ، فهو ردة فعل لفعل أدي إليه ، وبالتالي لا يوجد تطرف بدون أرضية صالحة ومحفزة له ، ولعل أهم تلك الدوافع لإظهار هذا الفكر هو الشعور بالظلم والقهر ، وعدم استيعاب ظواهر تتناقض مع ما يؤمن به ، ومن دوافعه شدة حدة الخلاف وفشل لغة الحوار والتشدد في الأحكام والمبالغة في تحقير النقيض ، والأهم هو كسر الإحساس المقدس داخل الشخص عند التعامل معه وتحقير ما يؤمن به ،، ولعل ما حدث عند الكثيرين من أصحاب هذا الفكر المتطرف هو إعجابهم بأنفسهم بشكل مبالغ فيه ثم يأتي من ينفي هذا الإعجاب ويحطمه أو يحوله الى شيء معاكس له ، وهنا تحدث الصدمة الفكرية الحادة التي يصعب بعد ذلك علاجها . والتاريخ يؤكد أن الفكر المتطرف نبع في أماكن المعاناة والقهر مثل السجون والمناطق الأكثر فقرا وظلما ، وفي الأماكن التي يفشل فيها التعايش بين الأفكار ، وكذلك عندما تظهر تلك الفئة التي لا ترى إلا ذاتها ولا تعترف بمخالفيها ،، وغير ذلك من الأسباب التي تدفع لظهور وممارسة التطرف بهدف كسر المقابل وإثبات الذات .

شعبنا بطبيعته يرفض فكر التطرف ولا يتعايش معه وتكون ردة فعله تلقائية في مقاومته ونبذه وعدم السماح له بالنجاح ، ولذلك ترى كل فئات المجتمع تقف بشكل موحد ضد أي فعل يحمل صفة التطرف في الطرح أو التصرف على أرض الواقع ،، شعبنا في كافة مراحل تاريخه تعايش مع كل الأفكار مهما كانت متناقضة فيما بينها ولكن طالما هذا التناقض بقي في الإطار المعقول والمنضبط نتج عنه إبداع فكري وثقافي وتلاقح للأفكار ،، ولكن عندما يبرز من يعتقد أنه امتلك الحقيقة كلها ولا يشاركه فيها أحد كانت النتيجة هو رد الفعل الذي لا يقبل به أحد .

ومن هنا لابد من إدراك حقيقة واضحة وهي أن المجتمع بتركيبته المختلفة يكون سببا في صنع التطرف ، وأن تصرف الدولة الحاكمة مع مخالفيها تصنع التطرف ،، والحقيقة الراسخة أن لكل دولة ولكل فكرة مهما كانت لها معارضين وهذا أمر طبيعي وينسجم مع خلق الإنسان ، حيث خلق الله العقول متفاوتة في الفهم والاستيعاب وهذا هو أصل الخلاف بين البشر ..

ويجب أن ندرك انه هناك شعرة بين الخلاف والعداء ، إذا لم نحافظ على تلك الشعرة بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار الموضوعي والعلمي انقلب الخلاف الى عداء ،، وأصبحت الأرض صالحة لإصدار الأحكام الجاهزة للأفعال الإجرامية الخطيرة ، وأصبح من السهل استغلال هذا العداء من أطراف هي في الأساس عدو لكل الأطراف ، وهنا يسهل توجيه وقيادة الأطراف لما يريدون ، ولتنفيذ ما يرغبون وتكون لديهم الحجة والقدرة على التأثير .

إن مواجهة أو معالجة فكر التطرف يكون بالأساس العمل الجدي والعلمي على عدم السماح بوجود الأرضية الموجبه لتغذيته ومعالجة أسبابه ،، والفكر يواجه بالفكر ،، والحوار له ثقافته الخاصة وهدفه الإنساني وهو لا يهدف لإثبات صحة أو خطأ الآخر بل للوصول معه لأرضية مشتركة ،، ولابد من الإتفاق على أن الخلاف هي طبيعة البشر التي خلقهم الله عليها ، ولا أحد في عصرنا يمتلك مطلق الحقيقة

الأكثر شيوعاً
جميع الحقوق محفوظة © 2016
↑