a picture
  • الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • المقالات
  • المؤلفات
  • مقابلات صحفية
  • ألبوم الصور
  • صورة وحدث
  • فيديو
  • ارشيف الأخبار
  • إتصل بنا

درب الأشواك: حماس.. الانتفاضة.. السلطة

#درب_الأشواك

شكلت نكبة فلسطين سنة 1948 ضربة قاصمة لفاعلية الوعي العربي التي كانت تسير أصلاً على نحو بطيء ، ولم يستطع العقل العربي أن يصحو وظل في حالة غيبوبة أكثر من خمس عشرة سنة ، وازدادت الأمور سوءاً لأن الضربات التي كانت تترى لم تنقطع ، ظلت متواصلة وتشكّل جدارُُ من الخوف ، وظل الشعب العربي الفلسطيني يعاني من هول الضربات المريعة ، ظل في مواجهة عدو لا يعرف له التاريخ مثيلاً في قسوته وعنفوانه . وكان تفجر الثورة الفلسطينية في منتصف الستينيات بمثابة إرهاصات لعودة الوعي ، ومع إرهاصات عودة الوعي بدأت الحياة تتحول لتتخذ شكلاً مغايراً ، ولكن نكسة سنة 1967 أعادت الأمور إلى خط الصفر من جديد ، وانكفأت كل تلك الإرهاصات وتشوهت صور الحياة ، وشرد الفنانون من منطقة الوعي إلى اللاوعي إلى الآبار المهجورة والمناطق المظلمة تحت وطأة ذلك الكابوس المرعب . إن إنسانية الإنسان لا يمكنها أن تتحقق إلا من خلال اختراقه لكل المعوقات التي تفرض نفسها عليه ، لكن المفارقة العجيبة التي ترتكز إلى أرضية تراجيدية بائنة أن الفلسطيني لا يملك من مقومات المقاومة شيئاً ، في الوقت الذي يمتلك فيه عدوه كل شيء وبلا حدود ، إنه صراع الحضارات ، وقد كتب على الفلسطيني في هذه المرحلة أن يدافع عن أقدس حضارة في التاريخ ، كما كتب على العرب أن يكونوا أكثر الأمم تخلفاً وتخلياً عن كل مقدساتهم ، وأن يقف الغرب بكل طاقاته وإمكانياته إلى جانب عدونا ، مستثمراً كل ما يمتلكه العرب ليدمر بها حضارة العرب المعاصرة والمستقبلية . في هذه الظروف المخيفة والمروعة ولد صاحب هذه السيرة الذاتية في مخيم من أشد أماكن الدنيا فقراً وبؤساً ، ولد في سنة 1963م ، لقد كان ثمرة تلك البيئة الجهادية التي بدأت تستيقظ على واقعها المؤلم المرير ، إنه ابن مدرسة الإخوان المسلمين وثمرة ذلك التلاقح بين ثورات الشعوب في تلك الحقبة الحاسمة التي كان لها واقعها وحركتها ، مثل : ثورات الصين وكوبا وفيتنام ، محاذية الصحوة العربية متمثلة في ثورة يوليو سنة 1952م . في الفترة التي تمتد بين سنة 63 وسنة 87 كانت القضية الفلسطينية تتراوح بين مد وجزر ، ولكن جزرها كان غالباً ، الأمر الذي أدى إلى احتقان مؤلم ، يبدو السطح خامداً ، ولكن باطن الأرض كان مائراً ، وكأن الأرض كانت تتهيأ لتفجر بركاناً شديداً . كان المهندس الفالوجي واحداً من أبناء ذلك الجيل الواعد الذي فجّر انتفاضة الحجارة بعدما ظن الكثيرون أنه لا حياة ولا أمل في هذا الشعب الصامت صمت الجبال . شهد صاحبنا تفجّر الانتفاضة وشارك في إشعالها فكان شاهداً عليها ، عرف خباياها ووقف على خلفياتها ، لأنه من الذين أسهموا في صناعة أحداثها ، عانى كثيراً كأبناء جيله لأن الثمن الذي دفعوه كان مرتفعاً ، من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمصابين من جراء تلك الحرب النفسية والأخلاقية ، لأن العدو استخدم أحدث ما أنتجه العقل الغربي من تقانات حربية وعلوم سيكولوجية وسسيولوجية وهي أشد وقعاً على الشعوب من الحروب المادية والتكنولوجية . سجل صاحبنا على نحو تفصيلي كل الأحداث وقرأ أبعادها الغامضة على نحو كشف فيه عن ملابساتها منذ بداياتها الأولى ، راصداً فيها ممارساته في حركة المقاومة الإسلامية حماس التي ربطته بها عاطفة عشق تصل حد الحلول الصوفي ، ويكشف عبر قراءاته أنه ما زال يعشقها . وإذا كان قد تمرّد على أطروحاتها الجزئية أو الجانبية فإنها تبقى الحظية لديه ، وهو ما يفسر قدرته على التحمل في سجون الاحتلال . ومَن يقرأ هذه السيرة الذاتية التي أسماها ( درب الأشواك ) يدرك أن صاحبها يمتلك قدرة متميزة على الجلد ، اكتسبها من حياة الشظف التي عاشها في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين بكل أبعادها المأساوية . كما أنه يمتلك ذكاءً اجتماعياً متدفقاً مكنه من المناورة ، تلك المناورة التي استخدمها تكنيكاً في مقارباته كل القضايا المعقدة التي طرحت نفسها عليه إبان قيادته لحركة حماس قبل دخوله السجن ، وأثناء فترة الاعتقال وبعده . ولعلنا نكتشف في حنايا هذه السيرة الذاتية أن المهندس الفالوجي كان متمرداً في أفكاره وإنْ كان بسيطاً ومسالماً في حياته العادية ، وتلك السمة هي التي أدت إلى مفارقته قيادة الحركة ، أو بتعبير أدق كانت من الأسباب التي حملت قيادة حماس على مفارقته واعتباره خارجاً على تعاليمها الصارمة غير القابلة للمساومة . وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكاتب يضع بين أيدي قرائه تصوراً مقنعاً لكل تفسيراته للأمور التي عالجها بحيث يحس هؤلاء القراء بأنه لا نتوء بل استواء تنبسط معه الحقائق على نحو هيّن. وبعد، فإني أرى أن هذه السيرة المطروحة بين أيدينا ليست سيرة ذاتية ذات طابع فردي ملتصق بصاحبها بقدر ما تكشف عن تاريخ شعب في فترة زمنية معينة ، هي فترة الانتفاضة التي تمددت فوصلت عنده إلى ما بعدها حتى قادته الأحداث المنزلقة في الحياة السياسية المتحركة إلى تولي وزارة البريد والاتصالات في أول تشكيل وزاري منتخب للسلطة الوطنية الفلسطينية على أرض فلسطين بعد خروج الاحتلال الإسرائيلي من بعض مناطقها . وعلى ذلك أدعو إلى اتخاذ هذه السيرة وثيقة من وثائق تاريخنا المعاصر ، لأنها لا تؤرخ على نحو منقطع عن الأحاسيس ، بل إن كاتب هذه السيرة يسرد الحدث نابعاً من ذاته ، الأمر الذي يكسب هذا السرد حيوية وحركة مائجة . وإذا كنت قد أبديت رأياً إيجابياً فإن هدفي أن أستثير القارئ لأفسح له مساحة أكثر اتساعاً للمحاورة لا أن أسد عليه منافذ الحركة ، بل أجعله يشارك في صناعة الأفكار حول هذه السيرة التي تستحق منا أن نقرأها بملية وتأمل .
الأكثر شيوعاً
جميع الحقوق محفوظة © 2016
↑